وسائلة أي المذاهب مذهبي
وَسائِلَةٍ أَيُّ المَذاهِبِ مَذَهَبي | وَهَل كانَ فَرعاً في الدِياناتِ أَم أَصلا |
وَأَيُّ نَبِيٍّ مُرسَلٍ أَقتَدي بِهِ | وَأَيُّ كِتابٍ مُنَزَلٍ عِندِيَ الأَغلى |
فَقُلتُ لَها لا يَقتَني المَرءُ مَذهَباً | وَإِنَ جَلَّ إِلّا كانَ في عُنقِهِ غُلّا |
فَما مَذهَبُ الإِنسانِ إِلّا زُجاجَةً | تُقَيِّدُهُ خَمراً وَتَضبُطُهُ خَلّا |
فَإِن كانَ قُبحاً لَم يُبَدِّلهُ لَونُها | جَمالاً وَلا نُبلاً إِذا لَم يَكُن نُبلا |
أَنا آدَمِيٌّ كانَ يَحسَبُ أَنَّهُ | هُوَ الكائِنُ الأَسمى وَشُرعَتُهُ الفُضلى |
وَأَنَّ لَهُ الدُنيا الَّتي هُوَ بَعضُها | وَأَنَّ لَهُ الأُخرى إِذا صامَ أَو صَلّى |
أَمُنُّ عَلى الصادي إِذا ما سَقيتُهُ | وَأُلزِمُهُ شُكري وَلَستُ أَنا الوَبلا |
وَأُزهى إِذا أَطعَمتُ جَوعانَ لُقمَةً | كَأَنّي خَلَقتُ الحَبَّ في الحَقلِ وَالحَقلا |
تَتَلمَذتُ لِلإِنسانِ في الدَهرتِ حُقبَةً | فَلَقَّنَني غِيّاً وَعَلَّمَني جَهلا |
نهاني عَن قَتلِ النُفوسِ وَعِندَما | رَأى غُرَّةً مِنّي تَعَلَّمَ بِيَ القَتلا |
وَذَمَّ إِلَيَّ الرِقَّ ثُمَّ اُِستَرَقَّني | وَصَوَّرَ ظُلماً فيهِ تَمجيدُهُ عَدلا |
وَكادَ يُريني الإِثمَ في كُلِّ ما أَرى | وَكُلَّ نِظامٍ غَيرَ ما سَنَّ مُختَلّا |
فَصارَ الوَرى عِندي عَدُوّاً وَصاحِباً | وَأَنفُسُهُم صِنفَينِ عَلياءَ أَو سُفلى |
وَصُرتُ أَرى بُغضاً وَصُرتُ أَرى هَوىً | وَصُرتُ أَرى عَبداً وَصُرتُ أَرى مَولى |
وَيا رُبَّ شَرٍّ خِلتَهُ الخَيرَ كُلُّهُ | وَيا رُبَّ خَيرٍ خِلتُهُ نَكبَةً جُلّى |
إِلى أَن رَأَيتُ النَجمَ يَطلَعُ في الدُجى | لِذي مُقلَةٍ حَسرى وَذي مُقلَةٍ جَذلى |
وَشاهَدتُ كَيفَ النَهرُ يَبذُلُ مائَهُ | فَلا يَبتَغي شُكراً وَلا يَدَّعي فَضلا |
وَكَيفدَ يُزينُ الطَلُّ وَرداً وَعَوسَجاً | وَكَيفَ يُرَوِّ العارِضُ الوَعرَ وَالسَهلا |
وَكَيفَ تُغَذّي الأَرضُ أَلأَمَ نَبتِها | وَأَقبَحَهُ شَكلاً كَأَحسَنَهُ شَكلا |
فَأَصبَحَ رَأيِ في الحَياةِ كَرَأيِها | وَأَصبَحتُ لي دينٌ سِوى مَذهَبي قَبلا |
وَصارَ نَبِيِّ كُلُّ ما يُطلِقُ العَقلا | وَصارَ كِتابي الكَونُ لا صُحُفٌ تُتلا |
فَديني كَدينِ الرَوضِ يَعبَقُ بِالشَذى | وَلَو لَم يَكُن فيهِ سِوى اللِصُّ مُنسَلّا |
فَلَيسَت تُخومُ المالِكِيَّةِ تُخومُهُ | وَإِن لَهُ إِن يَعلَموا غَيرَهُم أَهلا |
فَكَم هَشَّ لِلأَنسامِ وَالنورِ وَالهُدى | وَآوى إِلَيهِ الطَيرَ وَالذَرَّ وَالنَملا |
وَكَم بَعَثَتهُ لِلحَياةِ مِنَ البِلى | قَريحَةُ فَنّانٍ فَأَورَقَ وَاِخضَلّا |
وَأَصبَحَ يُجلي طَيفُهُ في قَصيدَةٍ | وَفي رُقعَةٍ أَو لَوحَةٍ وَهوَ لا يُجلى |
وَديني الَّذي اِختارَ الغَديرُ لِنَفسِهِ | وَيا حُسنَ ما اِختارَ الغَديرُ وَما أَحلى |
تَجيءُ إِلَيهِ الطَيرُ عَطشى فَتَرتَوي | وَإِن وَرَدَتهُ الإِبلُ لَم يَزجُرِ الإِبلا |
وَيَغتَسِلُ الذِئبُ الأَثيمُ بِمائِهِ | فَلا إِثمُ ذا يُمحى وَلا طُهرُ ذا يَبلى |
وَديني كَديني الشُهبِ تَبدو لِعاشِقٍ | وَقالٍ وَفيها ما يُحِبُّ وَما يُقلى |
فَما اِستَتَرَت كَيما يُضِلُّ مُسافِرٌ | وَلا بَزَغَت كَي يَستَنيرَ الَّذي ضَلّا |
وَلَيسَ لَها أَن تَمنَعَ الناسَ ضَوأَها | وَلَو فَتَلوا مِنهُ لِتَكبيلِها حَبلا |
وَديني كَدينِ الغَيثِ إِن سَحَّ لَم يُبَل | أَرَوّى الأَقاحي أَم سَقى الشَوكَ وَالدِفلى |
فَلَم يَتَخَيَّر في الفَضاءِ مَسيرَهُ | وَلَم يَنهَمِر جوداً وَلَم يَنحَبِس بُخلا |
وَإِن لَم أَكُن كَالرَوضِ وَالنَجمِ وَالحَيا | فَحَسبِيَ اِعتِقادي أَنَّ شُطَّتُها المُثلى |
يَرى النَحلَ غَيري إِذ يَرى النَحلَ حائِماً | وَأُبصِرُ قُرصَ الشَهدِ إِذ أُبصِرُ النَحلا |
وَأَلمَحُ واحاتٍ مِنَ النَخلِ في النَوى | إِذا جَرَفَ الإِعصارُ مِن واحَتي النَخلا |
وَأَن أَشرَبِ الصَهباءَ أَعلَمُ أَنَّني | شَرِبتُ بَشاشاتِ الزَمانِ الَّذي وَلّى |
وَما هَمَسَتهُ الريحُ في أُذُنِ الثَرى | وَما ذَرَفَت في اللَيلِ نَجمَتُهُ الثَكلى |
وَغَصّاتِ مَن ماتوا عَلى اليَأسِ في الهَوى | فَيا شارِبيها هَل لَمَحتُم دَمَ القَتلى |
وَإِن مَرَّ بي طِفلٌ رَأَيتُ بِهِ الوَرى | مِنَ المَثَلِ الأَدنى إِلى المَثَلِ الأَعلى |
فَيا لَكِ دُنيا حُسنِها بَعضُ قُبحِها | وَيا لَكَ كَوناً قَد حَوى بَعضُهُ الكُلّا |
إيليا
أبو ماضي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire